فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ بِمَنْ رَأَى مِنْهُ مُنْكَرًا وَبِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَدِّهِ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ لَمَّا سَأَلَهُ عَمَّا يَقُولُهُ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِيهِ‏:‏ وَرَسُولِك الَّذِي أَرْسَلْت بِقَوْلِهِ وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ الْمَعْرُوفُ بِالسُّوسِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَا بَرَاءُ مَا تَقُولُ إذَا أَوَيْت إلَى فِرَاشِك قَالَ قُلْت اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِذَا أَوَيْت إلَى فِرَاشِك طَاهِرًا فَتَوَسَّدْ يَمِينَك وَقُلْ‏:‏ اللَّهُمَّ أَسْلَمْت وَجْهِي إلَيْك وَفَوَّضْت أَمْرِي إلَيْك وَأَلْجَأْت ظَهْرِي إلَيْك رَهْبَةً وَرَغْبَةً إلَيْك لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَى مِنْك إِلاَّ إلَيْك آمَنْت بِكِتَابِك الَّذِي أَنْزَلْت وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت فَقُلْت كَمَا قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ أَنِّي قُلْت وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْت قَالَ فَطَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأُصْبُعِهِ فِي صَدْرِي فَقَالَ لِي وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت فَفَعَلْتُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَتَيْت مَضْجَعَك فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ‏,‏ وَلْيَكُنْ آخِرُ مَا تَقُولُ اللَّهُمَّ أَسْلَمْت وَجْهِي إلَيْك وَفَوَّضْت أَمْرِي إلَيْك وَأَلْجَأْت ظَهْرِي إلَيْك رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْك لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَى مِنْك إِلاَّ إلَيْك آمَنْت بِكِتَابِك الَّذِي أَنْزَلْت وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ ابْنِ وَرْدٍ الْعَتَكِيِّ قَالَ سَمِعْت أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّ إلَى رَجُلٍ فَقَالَ إذَا أَرَدْت أَنْ تَنَامَ فَقُلْ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ بَقِيَّةِ حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي رَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِهِ عَلَى الْبَرَاءِ قَوْلَهُ وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْت وَأَمْرُهُ إيَّاهُ أَنْ يَقُولَ مَكَانَ ذَلِكَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْت مَا هُوَ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَرَسُولَكَ الَّذِي أَرْسَلْت لَيْسَ فِيهِ إِلاَّ الرِّسَالَةُ خَاصَّةً‏,‏ وَاَلَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ مَكَانَ ذَلِكَ‏,‏ وَهُوَ وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت يَجْمَعُ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ جَمِيعًا فَكَانَ أَوْلَى مِمَّا يَكُونُ عَلَى الرِّسَالَةِ دُونَ النُّبُوَّةِ‏,‏ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ زَوْجَةَ النَّحَّامِ أَنْ لاَ تُكَحِّلَ ابْنَتَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَتْهُ خَوْفَهَا عَلَى عَيْنِهَا إنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَرَمَدَتْ وَخَشَوْا عَلَى عَيْنِهَا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَخْشَوْنَ عَلَى عَيْنِهَا فَقَالَ‏:‏ لاَ قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ بَيْتِهَا فِي أَحْلاَسِهَا أَوْ فِي أَحْلاَسِهَا فِي شَرِّ بَيْتِهَا فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ مَرَّ كَلْبٌ فَرَمَتْهُ بِبَعْرَةٍ فَلاَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ ابْنَةَ النَّحَّامِ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَأَتَتْ أُمُّهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إنَّ ابْنَتِي تَشْتَكِي عَيْنَهَا فَأُكَحِّلُهَا فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَإِنْ انْفَقَأَتْ، أَيْ‏:‏ فَلاَ تَفْعَلِي، قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا حَوْلاً ثُمَّ تَرْمِي مَنْ خَلْفَهَا بِبَعْرَةٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ‏:‏ أَخَبْرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعْت أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ شَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لاَ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةٌ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ خَشِيتُ عَلَى بَصَرِهَا أَفَأُكَحِّلُهَا فَقَالَ قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ‏,‏ وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ أَتَكْتَحِلُ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا فَقَالَتَا أَتَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ قَالَ حُمَيْدٌ وَحَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ ابْنَةُ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ بِنْتُ النَّحَّامِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذِهِ الآثَارِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَنْ تُكَحِّلَ عَيْنَهَا فِي عِدَّتِهَا مَعَ خَوْفِهَا عَلَى عَيْنِهَا إنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بِهِمَا‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى خِلاَفِهِ وَعَلَى إبَاحَةِ الْكُحْلِ لِمِثْلِهَا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ بِهَا إلَى ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاتِرًا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الصِّحَاحِ الَّتِي تَقَبَّلَهَا الْعُلَمَاءُ وَفِي تَرْكِهَا لِمَا فِيهِ بَعْدَ تَنَاهِيهِ إلَيْهِمْ وَاسْتِعْمَالِهِمْ خِلاَفَهُ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى نَسْخِهِ‏;‏ لأَنَّهُمْ مَأْمُونُونَ عَلَى نَسْخِهِ كَمَا هُمْ مَأْمُونُونَ عَلَى مَا رَوَوْهُ‏.‏

وَلَمَّا كَانُوا كَذَلِكَ كَانَ تَرْكُهُمْ لِمَا رَوَوْهُ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَحْمُودَةِ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوا ذَلِكَ لِمَا يُوجِبُ لَهُمْ تَرْكَهُ وَصَارُوا إلَى مَا هُوَ أَوْلَى بِهِمْ مِنْهُ مِمَّا قَدْ نَسَخَهُ‏,‏ وَلَوْلاَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَكَانَ قَدْ سَقَطَ عَدْلُهُمْ وَفِي سُقُوطِ عَدْلِهِمْ سُقُوطُ رِوَايَاتِهِمْ وَحَاشَ لِلَّهِ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةُ أُمُورِهِمْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ كَانَ لِ مَا قَدْ رَوَيْنَا عَلَى مَا وَصَفْنَا ثُمَّ الْتَمَسْنَا هَلْ نَجِدُ فِي الآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْر، عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت الْمُغِيرَةَ بْنَ الضَّحَّاكِ يَقُولُ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ أَسِيدٍ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ زَوْجَهَا تُوُفِّيَ فَكَانَتْ تَشْتَكِي فَتَكْتَحِلُ بِكُحْلِ الْجَلاَءِ فَأَرْسَلَتْ مَوْلاَةً لَهَا إلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَتْهَا عَنْ كُحْلِ الْجَلاَءِ فَقَالَتْ‏:‏ لاَ تَكْتَحِلِي إِلاَّ مِنْ أَمْرٍ لاَ بُدَّ مِنْهُ يَشْتَدُّ عَلَيْكِ فَتَكْتَحِلُ بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ ثُمَّ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلْت عَلَى عَيْنِي صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّمَا هُوَ صَبْرٌ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ قَالَ‏:‏ إنَّهُ يَشِبُّ الْوَجْهَ وَلاَ تَجْعَلِيهِ إِلاَّ بِاللَّيْلِ وَتَنْزِعِينَهُ بِالنَّهَارِ وَلاَ تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ وَلاَ بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خِضَابٌ قُلْت‏:‏ بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ بِالسِّدْرِ تُغَلِّقِينَ بِهِ رَأْسَكِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْهَا عَمَّا سَأَلَتْهَا عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لاَ تَفْعَلِي ذَلِكَ إِلاَّ لِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ وَقَدْ سَمِعْت مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا يُخَالِفُ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا إِلاَّ وَقَدْ عَلِمَتْ بِنَسْخِهِ مِنْ قَبْلِهِ صلى الله عليه وسلم‏;‏ لأَنَّهَا رضي الله عنها مَأْمُونَةٌ عَلَى مَا قَالَتْ كَمَا كَانَتْ مَأْمُونَةً عَلَى مَا رَوَتْ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَسْمَائِهِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ لِي خَمْسَةَ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِي الْكُفْرَ،‏,‏ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يَحْشُرُ اللَّهُ النَّاسَ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ‏,‏ وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَءُوفًا رَحِيمًا

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَسْمِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ رَءُوفًا رَحِيمًا إمَّا مِنْ كَلاَمِ جُبَيْرٍ وَإِمَّا مِنْ كَلاَمِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ رُوَاتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدٍ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ وَهُوَ سَعِيدٌ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ أَتُحْصِي أَسْمَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ يَعُدُّهَا قَالَ نَعَمْ هِيَ سِتَّةٌ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَخَاتَمٌ وَحَاشِرٌ وَعَاقِبٌ وَمَاحٍ‏,‏ فَأَمَّا الْحَاشِرُ فَبُعِثَ مَعَ السَّاعَةِ نَذِيرًا لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ وَأَمَّا عَاقِبٌ فَإِنَّهُ أَعْقَبَ الأَنْبِيَاءَ صلوات الله عليهم وَأَمَّا مَاحٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَحَا بِهِ سَيِّئَاتِ مَنْ اتَّبَعَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةُ اسْمٍ عَلَى الأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلَهُ وَهُوَ خَاتَمٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ‏:‏ سَمَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ بِأَسْمَاءٍ فَقَالَ‏:‏ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُقَفِّي وَالْحَاشِرُ وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَسْمَائِهِ الْمُقَفِّي وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْعَاقِبِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا قَبْلَهُ وَفِيهِ مِنْ أَسْمَائِهِ اسْمَانِ آخَرَانِ غَيْرُ الأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِمَا وَهُمَا نَبِيُّ التَّوْبَةِ وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ زَادَ بَعْضُ مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْهَا‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الأَسْمَاءَ إنَّمَا هِيَ أَعْلاَمٌ لأَشْيَاءَ يُرَادُ بِهَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا وَإِبَانَةُ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ‏,‏ وَكَانَتْ الأَسْمَاءُ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ فَقِسْمٌ مِنْهَا تَكُونُ الأَسْمَاءُ فِيهِ لاَ لِعِلَّةٍ كَالْحَجَرِ وَكَالْجَبَلِ‏,‏ وَكَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُسَمَّ بِمَعْنًى فِيهِ وَمِنْهَا مَا يُسَمَّى بِهِ لِمَعْنًى فِيهِ مِنْ صِفَاتِهِ كَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحَمْدِ وَكَأَحْمَدَ مِنْ الْحَمْدِ أَيْضًا فَكَانَ هَذَانِ الاِسْمَانِ مِنْ أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمَا اسْمَانِ قَدْ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ وَقَالَ تَعَالَى فِيمَا كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم خَاطَبَ بِهِ قَوْمَهُ إنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَكَانَ هَذَانِ الاِسْمَانِ مِنْ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى بِصِفَاتِهِ سِوَى الْحَمْدِ كَمَا سُمِّيَ بِالْحَمْدِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ فَسُمِّيَ الْمَاحِيَ‏;‏ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَمْحُو بِهِ الْكُفْرَ‏,‏ وَسُمِّيَ الْحَاشِرَ‏;‏ لأَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ عَلَى قَدَمِهِ‏,‏ وَسُمِّيَ الْعَاقِبَ‏;‏ لأَنَّهُ أَعْقَبَ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الأَنْبِيَاءِ صلوات الله عليهم وَسُمِّيَ خَاتَمًا‏;‏ لأَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ‏,‏ وَسُمِّيَ الْمُقَفِّيَ‏;‏ لأَنَّهُ قَفَّى مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الأَنْبِيَاءِ‏,‏ وَسُمِّيَ نَبِيَّ التَّوْبَةِ‏;‏ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَابَ بِهِ عَلَى مَنْ تَابَ مِنْ عِبَادِهِ‏,‏ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ‏}‏ وَسُمِّيَ نَبِيَّ الْمَلْحَمَةِ‏;‏ لأَنَّهُ سَبَبُ الْقِتَالِ هُوَ الْمَلْحَمَةُ‏.‏

وَكُلُّ هَذِهِ الأَسْمَاءِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَءُوفًا رَحِيمًا انْتِزَاعًا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ‏}‏ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى بِصِفَاتِهِ كُلِّهَا وَأَنَّ مَا سُمِّيَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ لاَحِقٌ بِأَسْمَائِهِ الَّتِي قَدْ سُمِّيَ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا لَحِقَ بِأَسْمَاءِ عَلِيٍّ عليه السلام الاِسْمُ الَّذِي سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ لَمَّا تَتَرَّبَ بِالتُّرَابِ بِقَوْلِهِ لَهُ‏:‏ قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ فَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْهُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَمَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ جَائِزًا أَنْ يُذْكَرَ بِبَعْضِ أَسْمَائِهِ‏,‏ وَلاَ يَكُونُ الْقَصْدُ إلَى بَعْضِهَا دَلِيلاً أَنْ لاَ أَسْمَاءَ لَهُ غَيْرَهَا‏,‏ فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ جَاءَتْ هَذِهِ الآثَارُ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ مِمَّا فِيهَا‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِيدَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْت إيَاسَ بْنَ أَبِي رَمْلَةَ قَالَ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ‏,‏ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ شَهِدْت مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ فَكَيْفَ صَنَعَ قَالَ‏:‏ صَلَّى ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَعُثْمَانُ هَذَا هُوَ ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ قَالَ أَنْبَأَ إسْرَائِيلُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ مِنْ آلِ أَبِي عَقِيلٍ عَنْ إيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ شَهِدْت مُعَاوِيَةَ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَشَهِدْتَ عِيدَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اجْتَمَعَا قَالَ نَعَمْ قَالَ‏:‏ فَمَا صَنَعَ قَالَ صَلَّى الْعِيدَ وَرَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمُرَادِ بِمَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَ اسْتِعْظَامِهِ مَا فِيهِمَا مِنْ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَنَفَى ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ كَيْفَ يَكُونُ لأَحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ مَعَ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللهِ الآيَةَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْمُرَادِينَ بِالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ هُمْ أَهْلُ الْعَوَالِي الَّذِينَ مَنَازِلُهُمْ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ لَيْسَتْ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ وَاجِبَةً‏;‏ لأَنَّهُمْ فِي غَيْرِ مِصْرٍ مِنْ الأَمْصَارِ‏,‏ وَالْجُمُعَةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الأَمْصَارِ وَفِي الأَمْصَارِ دُونَ مَا سِوَى ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فِي ذَلِكَ مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ رَأْيًا إذْ كَانَ مِثْلُهُ لاَ يُقَالُ بِالرَّأْيِ‏,‏ وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إِلاَّ تَوْقِيفًا وَلاَ تَوْقِيفَ يُوجَدُ فِي ذَلِكَ إِلاَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ الإِيَامِيِّ قَالَ سَمِعْت سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ‏:‏ لاَ جُمُعَةَ وَلاَ تَشْرِيقَ إِلاَّ فِي مِصْرٍ مِنْ الأَمْصَارِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لاَ جُمُعَةَ وَلاَ تَشْرِيقَ إِلاَّ فِي مِصْرٍ جَامِعٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ أَهْلُ الْعَوَالِي الَّذِينَ لَيْسُوا فِي مِصْرٍ مِنْ الأَمْصَارِ لَهُمْ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَاتِ‏,‏ وَمَنْ كَانَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَاتِ كَانَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَاتِ سِوَاهَا فِي صَلَوَاتِ الأَعْيَادِ وَمِمَّا سِوَاهَا‏,‏ وَكَانُوا إذَا حَضَرُوا الأَمْصَارَ لِصَلَوَاتِ الأَعْيَادِ كَانُوا بِذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَهْلِهِ حُضُورُ تِلْكَ الصَّلاَةِ يَعْنِي صَلاَةَ الْجُمُعَةِ وَمَا سِوَاهَا مِنْ صَلَوَاتِ الأَعْيَادِ فَأَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمُوا بِمَكَانِهِمْ الَّذِي حَضَرُوهُ لِصَلاَةِ الْعِيدِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَهُمْ بِهِ‏,‏ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ كَمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ‏;‏ لأَنَّهُ مِصْرٌ مِنْ الأَمْصَارِ‏,‏ وَجَعَلَ لَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا بِهِ اخْتِيَارًا حَتَّى يُصَلُّوا فِيهِ الْجُمُعَةَ أَوْ يَنْصَرِفُوا عَنْهُ إلَى أَمَاكِنِهِمْ‏,‏ وَيَتْرُكُونَ الإِقَامَةَ لِلْجُمُعَةِ‏,‏ فَيَكُونُ رُجُوعُهُمْ إلَى أَمَاكِنِهِمْ رُجُوعًا إلَى أَمَاكِنَ لاَ جُمُعَةَ عَلَى أَهْلِهَا فَقَالَ فَقَدْ رَوَيْتُمْ أَيْضًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثًا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا يَعْنِي مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْجُرْجُسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَيُّمَا شِئْتُمْ أَجْزَأَكُمْ قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدُّهُ الْمَشِيئَةَ إلَيْهِمْ فِي الإِتْيَانِ إلَى صَلاَةِ الْعِيدِ وَتَرْكِ الإِتْيَانِ لِمَا سِوَاهَا مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ مَا قَبْلَهَا مِنْ صَلاَةِ الْعِيدِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْعِيدِ لِيَفْعَلُوهُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ‏,‏ وَأَعْلَمَ بِذَلِكَ أَهْلَ الْعَوَالِي أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ صَلاَةِ الْعِيدِ وَيَحْضُرُوا لِصَلاَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ يَحْضُرُوا لِصَلاَةِ الْعِيدِ فَيُصَلُّونَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إلَى أَمَاكِنِهِمْ‏,‏ وَلاَ يَحْضُرُونَ الْجُمُعَةَ إذَا كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الأَمَاكِنِ لاَ جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ‏;‏ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمِصْرٍ مِنْ الأَمْصَارِ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ هِيَ أَدَلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الَّذِي ذَكَرْنَا كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد وَأَبُو عَامِرٍ قَالاَ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ ذَكْوَانَ قَالَ اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنَّكُمْ قَدْ أَصَبْتُمْ خَيْرًا وَذِكْرًا وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَشْفُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا احْتِمَالَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ إيَّاهُ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَمَرَ أَهْلَ الْعَوَالِي بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ اجْتَمَعَ فِيهِ عِيدَانِ مِنْ أَيَّامِهِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ فَقَالَ إنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ عِيدَانِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا‏,‏ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا‏,‏ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ فَقَدْ أَذِنْت لَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ هَذَا يَوْمٌ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَقَدْ أَذِنَّا لَهُ‏,‏ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْكُثَ فَلْيَمْكُثْ وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ وَصْفُنَا لَهُ فِي احْتِمَالِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ مَا كَانَ بَيْنَ إسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ ‏{‏أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ‏}‏ الآيَةَ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ مَا كَانَ بَيْنَ إسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الآيَةِ ‏{‏أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ‏}‏ إِلاَّ أَرْبَعَ سِنِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَيْضًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَنْبَأَ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ إسْلاَمِهِمْ وَبَيْنَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ يُعَاتِبُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا إِلاَّ أَرْبَع سِنِينَ ‏{‏وَلاَ يَكُونُوا كَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ‏}

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَطَلَبْنَا السَّبَبَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ عُوتِبُوا بِمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ فَوَجَدْنَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَلَّادٌ الصَّفَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلاَئِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْك أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ الآيَةَ قَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فَتَلاَهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا فَقَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ‏}‏ الآيَةَ‏,‏ قَالَ فَتَلاَهُ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ حَدَّثْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ‏}‏‏,‏ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ يُؤْمَرُونَ بِالْقُرْآنِ قَالَ خَلَّادٌ وَزَادَ فِيهِ آخَرُ قَالَ قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ ذَكَّرْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سُؤَالُهُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقَصَصَ عَلَيْهِمْ أَيْ لِتَلِينَ بِذَلِكَ قُلُوبُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ فَأَعْلَمَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لاَ حَاجَةَ بِهِمْ إلَى الْقَصَصِ مَعَ الْقُرْآنِ‏;‏ لأَنَّهُ لاَ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ أَنْفَعَ لَهُمْ مِنْهُ‏,‏ ثُمَّ سَأَلُوا أَنْ يُحَدِّثَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ وَكُلُّ ذَلِكَ يَرُدُّهُمْ إلَى الْقُرْآنِ‏;‏ لأَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ إلَى شَيْءٍ يَجِدُونَ فِيهِ الَّذِي يَجِدُونَ فِي الْقُرْآنِ‏.‏

وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ فِي أَبِي مُوسَى لَقَدْ أُوتِيَ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد صلى الله عليه وسلم

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى فَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ رَفَعَهُ إلَى سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ فَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحِ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَنْبَأَ قَنَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّهْمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْ الْبَرَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ أَبَا مُوسَى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَالَ لَكَأَنَّ أَصْوَاتَ هَذَا مِنْ أَصْوَاتِ آلِ دَاوُد‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ إضَافَةُ مَا أُوتِيَهُ أَبُو مُوسَى مِنْ صَوْتِهِ إلَى مِزْمَارٍ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد فَأُضِيفَتْ الْمَزَامِيرُ فِي ذَلِكَ إلَى آلِ دَاوُد لاَ إلَى دَاوُد صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ دَاوُد صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابِهِ فَقَالَ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ إلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏اعْمَلُوا آلَ دَاوُد شُكْرًا‏}‏ فَكَانَ الَّذِي يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ‏}‏ مَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله تعالى ‏{‏يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ‏}‏ قَالَ سَبِّحِي‏,‏ وَأَمَّا أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أُوبِي مَعَهُ ارْجِعِي مَعَهُ مِنْ الإِيَابِ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى كَمَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَصَادِرِيِّ عَنْهُ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الآيَاتِ مِنْ الأَنْبِيَاءِ وَمِنْهُمْ الْفَرَّاءُ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ فَقَالَ فِي ذَلِكَ مَعْنَى أَوِّبِي سَبِّحِي‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِ بِمِثْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَكَانَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِمَّا يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِمْ مَنْ يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْلَى‏.‏

وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَ التَّسْبِيحُ سَبَبُهُ دَاوُد عليه السلام وَكَانَتْ تِلْكَ الأَشْيَاءُ مَأْمُورَةً بِالتَّسْبِيحِ مَعَهُ كَانَ كُلُّ مُسَبِّحٍ مَعَهُ آلاً لَهُ كَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ فَسَمَّاهُمْ اللَّهُ آلاً لَهُ لاِتِّبَاعِهِمْ إيَّاهُ وَلِعَمَلِهِمْ بِعَمَلِهِ حَتَّى اسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ مِنْ الْعَذَابِ مِثْلَ مَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ بِكُفْرِهِ‏.‏

وَمِنْهُ قِيلَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِمْ مَعَهُ بِقَوْلِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ أَوْ كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ مِنْ بَعْدُ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي الآلِ مِنْ الْمَعْنَى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي إنَّمَا ذُكِرَ مِنْهُمْ لِمَكَانِهِمْ مِمَّنْ هُمْ آلٌ لَهُ‏,‏ وَلَمَّا كَانُوا قَدْ اسْتَحَقُّوا ذَلِكَ بِهِ كَانَ هُوَ بِهِ فِي الاِسْتِحْقَاقِ لِمَا اسْتَحَقُّوهُ بِهِ فَوْقَهُمْ فَمِثْلُ ذَلِكَ لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد وَمَزَامِيرُهُمْ تَسْبِيحُهُمْ الَّذِي كَانَ يَكُونُ مِنْهُمْ مِمَّا دَاوُد سَبَبُهُ فَمَعْقُولٌ أَنَّ دَاوُد صلى الله عليه وسلم سَبَبُهُ فِي ذَلِكَ أَوَكَدُ مِنْ أَسْبَابِهِمْ‏,‏ وَأَنَّ مَا أُضِيفَ مِنْ الْمَزَامِيرِ إلَيْهِمْ مُضَافَةٌ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَأَنَّ مَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ بِمَنْ رَأَى مِنْهُ مُنْكَرًا وَبِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إذَا عَمِلَ الْعَامِلُ مِنْهُمْ بِالْخَطِيئَةِ نَهَاهُمْ النَّاهِي تَعْزِيرًا‏,‏ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ جَالَسَهُ وَآكَلَهُ وَشَارَبَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ عَلَى خَطِيئَةٍ بِالأَمْسِ فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ ضَرَبَ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ‏,‏ ثُمَّ لَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ دَاوُد وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلْتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ السَّفِيهِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَلْعَنْكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ تَدْرُونَ كَيْفَ دَخَلَ بَنِي إسْرَائِيلَ النَّقْصُ قَالُوا‏:‏ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ‏:‏ إنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَعِيبُ عَلَى أَخِيهِ الأَمْرَ يُنْكِرُهُ فَمَا يَمْنَعُهُ مَا يَرَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ فَضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَأَنْزَلَ فِيهِمْ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أَرْبَعَ آيَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ فَوَرَبِّ مُحَمَّدٍ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِي الظَّالِمِ وَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ بِبَعْضٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا فَوَجَدْنَا أَهْلَ اللُّغَةِ يَحْكُونَ فِي ذَلِكَ عَنْ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ يُقَالُ أَطَرْت الشَّيْءَ إذَا ثَنَيْته وَعَطَفْته وَأَطْرُ كُلِّ شَيْءٍ عَطْفُهُ كَالْمِحْجَنِ وَالْمِنْجَلِ وَالصَّوْلَجَانِ‏.‏

وَوَجَدْنَاهُمْ يَحْكُونَ فِي ذَلِكَ عَنِ الأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُقَالَ أَطَرْت الشَّيْءَ‏,‏ وَأَصَرْتُهُ إذَا أَمَلْته إلَيْك وَرَدَدْته إلَى حَاجَتِك فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا أَيْ تَرُدُّونَهُ إلَيْهِ وَتَعْطِفُونَهُ عَلَيْهِ وَتُمِيلُونَهُ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ فِيمَا تَفْعَلُونَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ كَالْمِحْجَنِ وَالْمِنْجَلِ وَكَالصَّوْلَجَانِ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ مِمَّا عُطِفَ عَلَيْهِ وَثُنِيَ عَلَيْهِ وَرُدَّ إلَيْهِ إلَى خِلاَفِ ذَلِكَ أَبَدًا‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ‏}

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ إنَّكُمْ لَتَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ‏}‏ وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ‏:‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِمَّا خَاطَبَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه النَّاسَ فِيهِمَا أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ كَمَا تَلاَهَا عَلَيْهِمْ‏,‏ وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فَذَكَرَ لَهُمْ مَا سَمِعَهُ قَالَهُ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رضي الله عنه مَعَ حِكْمَتِهِ وَجَلاَلَتِهِ وَعِظَمِ مِقْدَارِهِ لاَ يُخَاطِبُ النَّاسَ بِخِطَابٍ فِيهِ نُقْصَانٌ‏,‏ وَنَعْلَمُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ نُقْصَانٍ فِي ذَلِكَ فَمِنْ بَعْضِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ لاَ مِنْهُ ثُمَّ الْتَمَسْنَا مِنْ غَيْرِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه يَقُولُ‏:‏ أَيُّهَا النَّاسُ إنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَا وَضَعَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إذَا عُمِلَ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي أَوْ بِغَيْرِ الْحَقِّ‏,‏ ثُمَّ لَمْ يُغَيِّرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ‏:‏ أَيُّهَا النَّاسُ إنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ ثُمَّ قَالَ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا مُنْكَرًا لاَ يُغَيِّرُونَهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِهِ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ قَالاَ ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْت إسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَمِعْته حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ‏:‏ قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه هَذِهِ الآيَةَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ ثُمَّ قَالَ إنَّ النَّاسَ يَضَعُونَ هَذِهِ الآيَةَ عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا أَلاَ وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الظَّالِمِ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْ قَالَ الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ عَمَّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِقَابِهِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ الأَوْلَى بِالصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ قَالَهُ‏,‏ وَهُوَ إخْبَارُهُ إيَّاهُمْ أَنَّ النَّاسَ يَضَعُونَ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي تَلاَهَا عَلَيْهِمْ عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَتَأَمَّلْنَا مَا يُرْوَى عَنْ غَيْرِهِ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الآيَةِ لِنَعْلَمَ بِذَلِكَ مَوْضِعَهَا هَلْ هُوَ تَأْوِيلٌ يُوقَفُ عَلَيْهِ أَوْ زَمَانٌ مِنْ الأَزْمِنَةِ يَكُونُ‏,‏ وَيَكُونُ قَبْلَهُ مَا قَرَأَ عَلَيْهِمْ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ مَا قَدْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ فِي الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ سَأَلْت أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ قُلْت كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الآيَةِ قَالَ أَيُّ آيَةٍ قُلْت ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ‏}‏ فَقَالَ لِي أَمَا وَاَللَّهِ لَقَدْ سَأَلْت عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْت عَنْهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى إذَا رَأَيْت شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ‏,‏ وَرَأَيْت أَمْرًا لاَ بُدَّ لَكَ مِنْهُ فَعَلَيْك بِنَفْسِك‏,‏ وَإِيَّاكَ وَأَمْرَ الْعَوَامّ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ‏,‏ صَبْرٌ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ كَأَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ‏.‏

وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ يَزِيدَ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ قَبْلَهُ عَمْرَو بْنُ جَارِيَةَ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً‏.‏

وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ بْن صَالِحٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبَرْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَعَقَلْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه إنَّ النَّاسَ يَضَعُونَ هَذِهِ الآيَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا يُرِيدُ بِهَا سَيُعْمِلُونَهَا فِي غَيْرِ زَمَنِهَا‏,‏ وَأَنَّ زَمَنَهَا الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ هُوَ الزَّمَنُ الَّذِي وَصَفَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ بِمَا وَصَفَهُ بِهِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ وَأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الأَزْمِنَةِ فَإِنَّ فَرْضَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَلَى عِبَادِهِ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى تَعُودَ الآُمُورُ إلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ عَلَيْهِ مِنْ امْتِثَالِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَمِنْ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَمِنْ التَّحْذِيرِ مِنْ عَوَاقِبِ تَرْكِ ذَلِكَ سِوَى مَا قَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

مَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالاَ ثنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عُبَيْد اللهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي أَعَزُّ‏,‏ وَأَكْثَرُ مِمَّا يَعْمَلُهُ وَهُوَ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ لاَ يُغَيِّرُونَهُ عَلَيْهِمْ إِلاَّ عَمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِعِقَابٍ وَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَكِّيُّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُهْلِكُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ‏,‏ وَلَكِنْ إذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ عَذَّبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِيمَا ذَكَرْنَا تَوْكِيدُ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى يَكُونَ الزَّمَانُ الَّذِي يَنْقَطِعُ ذَلِكَ فِيهِ وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي وَصَفَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الَّذِي لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ بِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ بِنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَلاَ قُوَّةَ مَعَ مَنْ يُنْكِرُهُ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ فَسَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ فِيهِ‏,‏ وَيَرْجِعُ أَمْرُهُ فِيهِ إلَى خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَلاَ يَضُرُّهُ مَعَ ذَلِكَ مَنْ ضَلَّ‏.‏

هَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا قَدْ صَحَّحْنَا هَذِهِ الآثَارَ عَلَيْهِ‏,‏ وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْوِيلِ فَيَذْهَبُ إلَى أَنَّ قوله تعالى ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ‏}‏ لَيْسَ عَلَى سُقُوطِ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَمِنْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ‏,‏ وَأَنَّهُمْ لاَ يَكُونُونَ مُهْتَدِينَ إذَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ‏,‏ وَأَنَّهُمْ إنَّمَا يَدْخُلُونَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إذَا اهْتَدَيْتُمْ‏}‏ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لاَ إذَا قَصَّرُوا عَنْهُ وَيَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ مِثْلَهُ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ‏{‏لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ‏}‏ وَهُوَ مَعَ هَذَا رضي الله عنه فَمُفْتَرَضٌ عَلَيْهِ جِهَادُ أَعْدَاءِ اللهِ تَعَالَى وَقِتَالُهُمْ حَتَّى يَرُدَّهُمْ اللَّهُ إلَى دِينِهِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ‏,‏ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ النَّاسَ عَلَيْهِ كَافَّةً‏,‏ وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ أَبْيَنُ مَعْنًى مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى صَحِيحًا وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى النَّاسِ فِيهِ الإِقْبَالُ عَلَى خَاصَّتِهِمْ وَتَرْكُ عَامَّتِهِمْ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ أَوْ قَالَ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً وَتَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ وَاخْتَلَفُوا فَصَارُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالُوا‏:‏ كَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ قَالَ تَأْخُذُونَ بِمَا تَعْرِفُونَ وَتَذْرُونَ مَا تُنْكِرُونَ وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ وَأَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً‏.‏

وَحَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي إسْنَادِهِ أَبَا حَازِمٍ‏,‏ وَإِنَّمَا قَالَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ عَنْ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِينَاءَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ حَزْمٍ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَامِرٍ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا قَالاَ ثنا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ خَبَّابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ‏:‏ بَيْنَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ ذُكِرَتْ الْفِتْنَةُ أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْفِتْنَةُ فَقَالَ إذَا رَأَيْتُمْ النَّاسَ قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَتُهُمْ‏,‏ وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَقُلْت فَكَيْفَ نَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ لِي الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ‏,‏ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ الْخَاصَّةِ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو كَيْفَ بِك يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو إذَا بَقِيت فِي حُثَالَةٍ مِنْ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ أَمَانَاتُهُمْ وَمَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَاخْتَلَفُوا فَقَالَ عَبْدُ اللهِ فَكَيْفَ بِي يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ تَعْمَلُ بِمَا تَعْرِفُ وَتَدَعُ مَا تُنْكِرُ وَتَعْمَلُ بِخَاصَّةِ نَفْسِك وَتَدَعُ عَنْك عَوَامَّ النَّاسِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَهْمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْر قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ عَنْ بُكَيْر بْنِ الأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا وَاقِدٍ قَالَ‏:‏ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَنَحْنُ جُلُوسٌ عَلَى بِسَاطٍ إنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ قَالُوا‏:‏ كَيْفَ نَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ قَالَ فَرَدَّ يَدَهُ إلَى الْبِسَاطِ فَأَمْسَكَ بِهِ قَالَ تَفْعَلُونَ هَكَذَا وَذَكَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ فَلَمْ يَسْمَعْهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَقَالَ مُعَاذٌ‏:‏ تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قَالُوا‏:‏ مَا قَالَ‏؟‏ قَالَ يَقُولُ إنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ قَالُوا فَكَيْفَ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ أَوْ كَيْفَ نَصْنَعُ‏؟‏ قَالَ تَرْجِعُونَ إلَى أَمْرِكُمْ الأَوَّلِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالاَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَكَانَ عِرْبَاضٌ رَجُلاً مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَامَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَرَغَّبَهُمْ وَحَذَّرَهُمْ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ‏,‏ ثُمَّ قَالَ اُعْبُدُوا اللَّهَ لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَطِيعُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ وَلاَ تُنَازِعُوا الأَمْرَ أَهْلَهُ‏,‏ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ وَعَلَيْكُمْ بِمَا تَعْرِفُونَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عَلَى نَوَاجِذِكُمْ بِالْحَقِّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ دَخَلْت مَسْجِدَ دِمَشْقَ أَوْ حِمْصَ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُهُمْ فَقَالَ‏:‏ وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَاقْشَعَرَّتْ مِنْهَا الْجُلُودُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ كَأَنَّ هَذَا عِنْدَ الْوَدَاعِ مِنْك يَا رَسُولَ اللهِ فَأَوْصِنَا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَلُزُومِكُمْ مِنْ بَعْدِي سُنَّتِي وَسُنَّةَ الْخُلَفَاءِ الْهَادِيَةِ الْمَهْدِيَّةِ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي هَذِهِ الآثَارِ تَشْدِيدُ مَا فِي الآثَارِ الَّتِي فِي الْبَابِ الأَوَّلِ‏,‏ وَكُلُّهَا يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتُخْبِرُ أَنَّ الأَزْمِنَةَ تَخْتَلِفُ وَتَتَبَايَنُ وَأَنَّ كُلَّ زَمَانٍ مِنْهَا لَهُ حُكْمُهُ الَّذِي قَدْ بَيَّنَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ وَأَعْلَمَهُمْ إيَّاهُ وَعَلَّمَهُمْ بِمَا يَعْمَلُونَهُ فِيهِ فَعَلَى النَّاسِ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ‏,‏ وَلُزُومُهُ وَوَضْعُ كُلِّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ الَّذِي أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضْعِهِ فِيهِ‏,‏ وَأَنْ لاَ يَخْرُجُوا عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا سِوَاهُ‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي طَرِيقٍ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي طَرِيقٍ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي سِكَّةٍ فَاجْعَلُوهَا سَبْعَ أَذْرُعٍ ثُمَّ ابْنُوا‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت الزُّبَيْرَ بْنَ الْخِرِّيتِ يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي طُرُقِهِمْ أَنَّهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا تَدَارَأْتُمْ فِي طَرِيقٍ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَ أَذْرُعٍ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ فَدَعُوا سَبْعَ أَذْرُعٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا اُخْتُلِفَ فِي الطَّرِيقِ جُعِلَ عَلَى سَبْعِ أَذْرُعٍ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمْ نَجِدْ لَهُ مَعْنًى أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ‏,‏ وَأَنْ يُصْرَفَ وَجْهُهُ إلَيْهِ مِنْ الطُّرُقِ الْمُبْتَدَأَةِ إذَا اُخْتُلِفَ مُبْتَدَؤُهَا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يُوقِفُونَهُ لَهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحَاوِلُونَ اتِّخَاذَهَا فِيهَا كَالْقَوْمِ يَفْتَتِحُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَدَائِنِ الْعَدُوِّ فَيُرِيدُ الإِمَامُ قَسْمَهَا بَيْنَهُمْ وَيُرِيدُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا طُرُقًا لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْلُكَهَا مِنْ النَّاسِ إلَى مَا سِوَاهَا مِنْ الْبُلْدَانِ‏,‏ وَلاَ يَجِدُهَا مِمَّا قَدْ كَانَ الْمُفْتَتَحَةُ عَلَيْهِمْ أَحْكَمُوا ذَلِكَ فِيهَا فَيُجْعَلُ سَعَةَ كُلِّ طَرِيقٍ مِنْهَا سَبْعَ أَذْرُعٍ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا الأَرْضُ الْمَوَاتُ يُقْطِعُهَا الإِمَامُ رَجُلاً‏,‏ وَيَجْعَلُ إلَيْهِ إحْيَاءَهَا وَدَفْعَ طَرِيقٍ مِنْهَا لاِجْتِيَازِ النَّاسِ فِيهِ مِنْهَا إلَى مَا سِوَاهَا‏,‏ فَيَكُونُ ذَلِكَ الطَّرِيقُ كَذَلِكَ سَعَتُهُ هَذَا الْمِقْدَارُ وَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ يَعْنِي فِي الْوُقُوفِ

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ‏,‏ وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ‏,‏ وَشِعَابُ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي إسْنَادِهِ أَتَمَّ مِنْهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الأَشْعَثِ وَقَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ بِهِ نَاقِصًا فِي إسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ جَمِيعًا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادًا عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ وَعَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَاحْتَجْنَا إلَى الْوُقُوفِ عَلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم ارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ مَا الَّذِي يُرِيدُ بِهِ‏؟‏ هَلْ هُوَ لأَنَّ بَطْنَ عُرَنَةَ لَيْسَ مِنْ عَرَفَةَ الَّتِي يُوقَفُ بِهَا لِلْحَجِّ أَمْ لِغَيْرِ ذَلِكَ‏؟‏ فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ فَقَالَ هَذِهِ عَرَفَةُ وَهَذَا الْمَوْقِفُ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَجُمَعُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَوَجَدْنَا يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ‏.‏

وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبِيَّ أَبَا الْكَرَوَّسِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْر قَالَ حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ سَمِعْت عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي حُسَيْنٍ يُخْبِرُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَطَاءٌ جَالِسٌ يَسْمَعُ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَاحْتَجْنَا إلَى أَنْ نَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ أُمِرَ بِالرَّفْعِ عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ مَا الْمُرَادُ بِهِ فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَبَّارٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرْقِيُّ بْنُ قُطَامِيٍّ عَنْ أَبِي طَلْقٍ الْعَائِذِيِّ عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ الْقَعْقَاعِ قَالَ سَمِعْت عَمْرَو بْنَ مَعْدِيِّ يَقُولُ‏:‏ كُنَّا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ نَتَخَوَّفُ أَنْ يَخْطَفَنَا الْجِنُّ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجِيزُوا إلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ إنْ أَسْلَمُوا إخْوَانُكُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ فَإِنَّهُمْ إنْ أَسْلَمُوا إخْوَانُكُمْ وَهُوَ عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَإِنَّهُمْ إذْ أَسْلَمُوا إخْوَانُكُمْ أَيْ إذْ صَارُوا مُسْلِمِينَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقِفُونَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ خَوْفًا مِنْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنْ يَخْطَفَهُمْ الْجِنُّ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا إلَيْهِمْ أَيْ مَا سِوَى بَطْنِ عُرَنَةَ مِنْ عَرَفَةَ‏,‏ وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي كَانَتْ الْجِنُّ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ‏,‏ وَكَانُوا يَتَخَوَّفُونَ إنْ وَقَفُوا بِهَا مِنْ غَوَائِلِهِمْ مَا كَانُوا يَتَخَوَّفُونَهُ فَأَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ إخْوَانُهُمْ إذْ قَدْ أَسْلَمُوا وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِذَلِكَ كَانَ بَعْدَ إسْلاَمِ الْجِنِّ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجِنُّ كَانُوا قَبْلَ إسْلاَمِهِمْ يَحُجُّونَ قِيلَ لَهُ وَمَا تُنْكِرُ مِنْ ذَلِكَ‏,‏ قَدْ كَانَ كُفَّارُ الآدَمِيِّينَ يَحُجُّونَ كَمَا يَحُجُّ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَكَانَ ذَلِكَ النَّسْخُ مِمَّا كَانَ مِنْ النِّذَارَةِ الَّتِي أُنْذِرُوا بِهَا فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّهَا أَبُو بَكْرٍ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ‏,‏ وَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ مِمَّا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّلِيلِ عَلَى مُرَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ ‏{‏فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ‏}‏ الآيَةَ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَ حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَرَكِبَ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ فَنُصِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ وَلاَ تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرَحَلَتْ لَهُ فَرَكِبَ حَتَّى إذَا أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَقِفُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي خِلاَفِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ النَّاسُ بِهِ الْيَوْمَ بِعَرَفَةَ لِحَجِّهِمْ‏,‏ وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏;‏ لأَنَّ عَرَفَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْحَرَمِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لاَ تُجَاوِزُ الْحَرَمَ وَلاَ تَقِفُ لِحَجِّهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ إِلاَّ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ وَكَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَتْ تَقِفُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيهِ هُوَ الْمُزْدَلِفَةُ كَمَا حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَهَبْت أَطْلُبُ بَعِيرًا لِي يَوْمَ عَرَفَةَ فَخَرَجْت فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ بَيْنَ النَّاسِ فَقُلْت إنَّ هَذَا مِنْ الْحُمْسِ فَمَا لَهُ خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ يَعْنِي بِالْحُمْسِ قُرَيْشًا وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَتَقُولُ نَحْنُ الْحُمْسُ لاَ نُجَاوِزُ الْحَرَمَ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ رَاهْوَيْهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَتَسَمَّوْا الْحُمْسَ‏,‏ وَسَائِرُ الْعَرَبِ تَقِفُ بِعَرَفَةَ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ ثُمَّ يَدْفَعَ مِنْهَا وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَلَّ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ وَلِتَوَلِّيهِ لَهُ قَدْ كَانَ يَقِفُ يَوْمَ عَرَفَةَ حَيْثُ يَقِفُ النَّاسُ سِوَى قُرَيْشٍ‏,‏ وَكَانَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ الإِفَاضَةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ قَدْ كَانَ مِنْهُمْ قَبْلَهَا وُقُوفٌ فِيهِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ أَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ الأَنْصَارِيُّ بِعَرَفَةَ وَنَحْنُ بِمَكَانٍ مِنْ الْمَوْقِفِ بَعِيدٍ يُبْعِدُهُ عَمْرٌو فَقَالَ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْكُمْ يَقُولُ كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ هَذِهِ فَإِنَّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ إرْثِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم‏.‏

هَكَذَا حَدَّثَنَا يُونُسُ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيّ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَمْرًا عَنْ خَالٍ لَهُ قَالَ كُنَّا فِي مَوْقِفٍ لَنَا بِعَرَفَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ عَرَفَةَ قَدْ كَانَتْ مِنْ مَوَاقِفِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ حَيْثُ يَقِفُ النَّاسُ الْيَوْمَ لِحَجِّهِمْ‏,‏ وَأَمَّا أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالاِرْتِفَاعِ عَنْ مُحَسِّرٍ‏,‏ وَمُحَسِّرٌ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَذَلِكَ لِمَعْنًى سِوَى هَذَا الْمَعْنَى قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَشَاعِرِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ النَّاسَ بِالرَّفْعِ عَنْهُ وَبِالرُّجُوعِ إلَى مَشَاعِرِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ فِي ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏